أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

الجن والاستعانة بهم

من هم الجن؟
لابد على كل مسلم أن يتعرف على هذا العالم الآخر لأن الصلة قوية بين الإنس والجن في كثير من المجالات 
1. الجن في اللغة: 
  • الجن في اللغة يعني الستر، يقال: جَنَّ الشيء جناً أي ستره، ومن ذلك سُمي الجنون جنوناً؛ لأنه يجن العقل، أي يستره ويغطيه.
  • وسُمي القبر جنناً، لأنه يستر الميت.
  • وسُمي الكفن جنناً، للمعنى نفسه.
  • وسُمي الجنين، لكونه مستوراً داخل بطن أمه.
  • وسمي القلب جناناً، لأنه مستور في الصدر، ويستر داخله أخباراً وأسراراً.
  • وسميت الروح جناناً، لأن الجسم يسترها.
  • والمجن: الترس، لأنه يقي صاحبه، ويستره عن العدو، وكذلك الدرع.
  • ويقال للبستان: جنة. وجمعها جنان، لأنه يستر ما بداخله ومنه أطلق اسم (الجَنَّةَ).
  • و(الجن) سموا بذلك لاجتنانهم عن الأبصار، أي استتارهم واختفائهم.
  • ويقال لهم (جِنَّة) أيضاً ومفرده: جني.
2. الجن اصطلاحاً
كائنات خفية، لها القدرة أن تتخذ أشكالاً متعددة. وتسمى هذه الكائنات، كذلك، الجان والمردة. والجِنَّة والجن عالم آخر غير عالم الإنسان، وإن كان يشترك مع الإنسان في صفة العقل والاختيار لطريق الخير أو الشر.

3. أصل كلمة الجن:
ذهب بعض المستشرقين إلى أن كلمة (الجن) من الكلمات المعربة، وذهب بعض آخر إلى أنها عربية. ويرى بعضهم أنها من الكلمات السامية القديمة؛ لأن الإيمان بالجن من العقائد القديمة المعروفة عند قدماء الساميين وعند غيرهم، كذلك.

إثبات الجن من القرآن

  • ذكر الجن في القرآن الكريم:

ورد لفظ (الجن، والجان، والجِنَّة) في تسع وعشرين آية من القرآن الكريم.
  • فمن الآيات ما يتحدث عن خلق الجن كقوله تعالى: " وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ" (الحجر: 27).
  • ومنها ما يتحدث عن عداوة بعض الجن للأنبياء، كقوله تعالى: "جَعَلْنَا لِكُلِّ نَبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنْسِ وَالْجِنِّ"(الأنعام: 112).
  • ومنها ما يتحدث عن إرسال الرسل إليهم، في قوله تعالى: "يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ ءَايَاتِي وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا شَهِدْنَا عَلَى أَنْفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُوا كَافِرِينَ " (الأنعام: 130).
  • وعن عجزهم عن الإتيان بمثل القرآن الكريم، قوله تعالى: " قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لاَ يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا" (الإسراء: 88).
  • وعن صرف بعض الجن إلى النبي صلى الله عليه وسلم يستمعون القرآن، قوله تعالى: " وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ " (الأحقاف: 29).
  • وأن قريشاً جعلت بين الله وبين الجن نسباً: "وَجَعَلُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَبًا وَلَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ"(الصافات: 158).
  • وأنها جعلت الجن شركاء له: "وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ" (الأنعام: 100). أي جعلوا لله الجن شركاء في عبادتهم إياه؛ فافتعلوا له بنين وبنات جهلاً وكذباً.
  • وزعم كفار قريش أن الله تزوج الجن، وإن الملائكة هم بناته من هذا الزواج. فقد روي أن كفار قريش قالوا: (الملائكة بنات الله. فقال لهم أبو بكر الصديق: فمن أمهاتهم؟ قالوا: بنات سراة الجن). تعالى الله عما يقولون علواً كبيراً.


  • إثبات الجن من السنة:
من صحيح البخاري:
باب ذكر الجن وثوابهم وعقابهم لقوله يا معشر الجن والإنس ألم يأتكم رسل منكم يقصون عليكم آياتي إلى قوله عما يعملون بخساً نقصاً.
قال مجاهد: وجعلوا بينه وبين الجنة نسبا قال كفار قريش الملائكة بنات الله وأمهاتهم بنات سروات الجن قال الله ولقد علمت الجنة إنهم لمحضرون ستحضر للحساب جند محضرون ثم الحساب.
3122 حدثنا قتيبة عن مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري عن أبيه أنه أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له: (ثم إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك وباديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة) قال أبو سعيد: سمعته من رسول الله (البخاري).

حدثنا محمد بن بشار حدثنا محمد بن جعفر حدثنا شعبة عن محمد بن زياد عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم ثم إن عفريتاً من الجن تفلت البارحة ليقطع علي صلاتي فأمكنني الله منه فأخذته فأردت أن أربطه على سارية من سواري المسجد حتى تنظروا إليه كلكم فذكرت دعوة أخي سليمان رب اغفر لي وهب لي ملكاً لا ينبغي لأحد من بعدي فرددته خاسئاً عفريت متمرد من إنس أو جان مثل: زبنية جماعتها الزبانية (البخاري).
ومن صحيح مسلم
وحدثنا زهير بن حرب حدثنا يحيى بن سعيد عن بن عجلان حدثني صيفي عن أبي السائب عن أبي سعيد الخدري قال سمعته قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم إن بالمدينة نفرا من الجن قد أسلموا فمن رأى شيئا من هذه العوامر فليؤذنه ثلاثاً فإن بدا له بعد فليقتله فإنه شيطان (مسلم).


الجن مكلفون:
أخبر الله عز وجل أنه بعث نفراً من الجن إلى النبي، ليستمعوا القرآن وينذروا قومهم كما في قوله تعالى: "وَإِذْ صَرَفْنَا إِلَيْكَ نَفَرًا مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ فَلَمَّا حَضَرُوهُ قَالُوا أَنْصِتُوا فَلَمَّا قُضِيَ وَلَّوْا إِلَى قَوْمِهِمْ مُنْذِرِينَ (29) قَالُوا يَاقَوْمَنَا إِنَّا سَمِعْنَا كِتَابًا أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ (30) يَاقَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَأَمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ (31) وَمَنْ لاَ يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلاَلٍ مُبِينٍ (32)"(الأحقاف: 29- 32)
فهذا دليل على أنهم مأمورون بالإيمان برسالة محمد، مثل: الإنس.
خـلـق الـجـن:
الجن مخلوقون من النار، كما في قوله تعالى: "وَالْجَانَّ خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ مِنْ نَارِ السَّمُومِ" ، وكذلك في قوله تعالى: "وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ" (الرحمن: 15).
والمارج: الشعلة الساطعة ذات اللهب الشديد. ومارج النار: هو طرف اللهب، وطرف اللهب هو خالص اللهب وأحسنه، كما قال ابن عباس.
وعن عبد الله بن مسعود: هذه السموم جزء من سبعين جزءاً من السموم، التي خلق منها الجان، ثم قرأ الآية، وعن عمرو بن دينار: من نار الشمس.
وفي الحديث عن عائشة عن النبي، قالت: قال رسول الله: (خُلِقَتْ الْمَلاَئِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ).
أصناف الجن

الجن ثلاثة أصناف:
1- صنف يطير في الهواء.
2- صنف حيّات وكلاب.
3- صنف يحلون ويظعنون، وهم السعالي.


تشـكـّلهم وقـدراتـهـم:

الجن لهم قدرة خارقة على التشكل بأشكال مختلفة وكثيرة لا تحصر، من الإنسان والحيوان بل حتى الجمادات؛ فقد يتشكل الجان في صورة حيوان، وخاصة الكلب الأسود والقط الأسود وغير ذلك ومن الحشرات والزواحف كالثعابين ونحوها.
قال شيخ الإسلام ابن تيميه: الجن يتصورون في صور الإبل والبقر والغنم والخيل والبغال والحمير وفي صور بني أدم

ولهم قدرات هائلة في القوة والسرعة والانتقال والمهارات والطيران ، ومن قدراتهم، كذلك، عملهم للنبي سليمان أعمالاً كثيرة، تدل على الذكاء والمهارة، كما في قوله تعالى: وَمِنَ الْجِنِّ مَنْ يَعْمَلُ بَيْنَ يَدَيْهِ بِإِذْنِ رَبِّهِ. ثم قال: يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ.


مـسـاكـنـهـم:

يسكنون الأماكن الخربة وأماكن المعاصي والصحاري والكهوف والمقابر والمواضع المظلمة، وباطن الأرض. ويسكنون المنازل المهجورة وغيرها ويسمون العمار وكذلك مواضع النجاسات، كالحمامات والحشوش والمزابل.
فَعَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَم عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: (إنَّ هَذِهِ الْحُشُوشَ مُحْتَضِرَةٌ فَإِذَا أَتَى أَحَدُكُمْ الْخَلَاءَ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبُثِ وَالْخَبَائِثِ). وَالْمُحْضَرَةُ مَكَانُ حُضُورِ الْجِنِّ وَالشَّيَاطِينِ . وَقَدْ جَاءَتْ الْآثَارُ بِالنَّهْيِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي هَذِهِ الْأَمَاكِنِ 


طعامهم وشرابهم:

ففي صحيح البخاري عن أبي هريرة - رضـي الله عنه - أن النبي صلى الله عليـه وسلم - أمره أن يأتيه بأحجار يستجمر بها، وقـال له: (ولا تأتيني بعظم ولا بروثة).
ولما سأل أبو هريرة الرسول صلى الله عليه وسلـم، بعد ذلك عن سر نهيه عن العظم والروثة، قال: (هما من طعام الجن، وأنه أتاني وفـد نصيبين، ونعم الجن، فسألوني الزاد، فدعوت الله لهم: ألا يمروا بعظم ولا روثـة إلا وجدوا عليها طعاماً).
وفـي صحيح مسلم عن ابن مسعود عن رسول الله صلـى الله عليه وسلم أنه قـال: (أتاني داعي الجن فذهبت معه، فقرأت عليهـم القرآن، قـال: فانطلق بنا فأرانا آثارهـم وآثار نيرانهم، فسألوه الزاد فقال: (لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكـم لحما، و كل بعرة علف لدوابكم) فقال النبي صلى الله عليه و سلم: (فلا تستنجوا بهما فانهما زاد إخوانكم). وفي سنن الترمذي باسناد صحيح: (لا تستنجـوا بالـروث، ولا بالعظام، فإنه زاد إخوانكم من الجن).


دوابهم وعلفها:

للجن دواب لم يذكر وصفها في الأحاديث الصحيحة إلا أنه قد وردت بعض الأوصاف لبعض دوابهم من بعض الناس ممن رأى ذلك فبعضهم رأى مايشبه الظباء أو الغنم أو البقر وقد يكون صحيحاً وقد يكون غير ذلك وأما طعام دوابهم هو روث دواب الإنس.
عقائدهم وديانتهم
منهم الجن المسلم ومنهم النصراني واليهودي والبوذي والهندوسي والشيعي والملحد والكافر والعاصي وقد أخبر الله عنهم أنهم قالوا:"وأناّ مَنا الصَّالحُون ومنَّا دُونَ ذلك كُنا طرائِقَ قِدَدا" (الجن: 11).

وقال ابن عباس في تفسيرهذه الآية: أي منا المؤمن ومنا الكافر وقال شيخ الإسلام ابن تيمية أي مذاهب شتى مسلمون وكفار وأهل سنة وأهل بدعة.

مفهوم الاستعانة بالجن

اختلط الحابل بالنابل في موضوع الاستعانة حتى أصبحنا فريقين:
فريق يؤيد الاستعانة، وفريق يمنع الاستعانة، وحيث أن هذه من المسائل الحساسة جداً وكثر الكلام والجدل فيها أحببت أن أجعل لها قسماً خاصاً للتوضيح وليس للتجريح وللبيان بفتاوى أهل العلم الأعلام.
تعريف الاستعانة بالجن
  1. الِاسْتِعَانَةُ مَصْدَرُ اسْتَعَانَ، وَهِيَ: طَلَبُ الْعَوْنِ، يُقَالُ: اسْتَعَنْته وَاسْتَعَنْت بِهِ فَأَعَانَنِي وَالْمَعْنَى الِاصْطِلَاحِيُّ لَا يَخْرُجُ عَنْ الْمَعْنَى اللُّغَوِيِّ.
  2. تَنْقَسِمُ الِاسْتِعَانَةُ إلَى: اسْتِعَانَةٍ بِاَللَّهِ، وَاسْتِعَانَةٍ بِغَيْرِهِ. فَالِاسْتِعَانَةُ بِاَللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى مَطْلُوبَةٌ فِي كُلِّ شَيْءٍ: مَادِّيٍّ، مِثْلِ: قَضَاءِ الْحَاجَاتِ، كَالتَّوَسُّعِ فِي الرِّزْقِ، وَمَعْنَوِيٍّ مِثْلِ: تَفْرِيجِ الْكُرُوبِ، مِصْدَاقًا لقوله تعالى: "إيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ" (الفاتحة: 5). وقوله تعالى: "قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ: اسْتَعِينُوا بِاَللَّهِ وَاصْبِرُوا" (الأعراف: 128). وَتَكُونُ الِاسْتِعَانَةُ بِالتَّوَجُّهِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى بِالدُّعَاءِ , كَمَا تَكُونُ بِالتَّوَجُّهِ إلَيْهِ تَعَالَى بِفِعْلِ الطَّاعَاتِ، لقوله تعالى: "وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ" (البقرة: 45).
  3. 3 - أَمَّا الِاسْتِعَانَةُ بِغَيْرِ اللَّهِ، فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ بِالْإِنْسِ أَوْ بِالْجِنِّ. فَإِنْ كَانَتْ الِاسْتِعَانَةُ بِالْجِنِّ فَهِيَ مَمْنُوعَةٌ، وَقَدْ تَكُونُ شِرْكًا وَكُفْرًا. لقوله تعالى:
    " وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنْ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنْ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا" (الجن:6).
  4. - وَأَمَّا الِاسْتِعَانَةُ بِالْإِنْسِ فَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ عَلَى أَنَّهَا جَائِزَةٌ فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ خَيْرٍ، لقوله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ" (المائدة:2) وَقَدْ يَعْتَرِيهَا الْوُجُوبُ عِنْدَ الِاضْطِرَارِ، كَمَا لَوْ وَقَعَ فِي تَهْلُكَةٍ وَتَعَيَّنَتْ الِاسْتِعَانَةُ طَرِيقًا لِلنَّجَاةِ، لقوله تعالى: "وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إلَى التَّهْلُكَةِ" (البقرة: 195).

أنواع الاستعانة
ذكر شيخ الإسلام رحمه الله في المجلد الحادي عشر من مجموع الفتاوى ما مقتضاه أن استخدام الإنس للجن له ثلاث حالات:
الأولى: أن يستخدمه في طاعة الله كأن يكون نائبا عنه في تبليغ الشرع ، فمثلا إذا كان له صاحب من الجن المؤمن يأخذ عنه العلم فيستخدمه في تبليغ الشرع لنظرائه من الجن، أو في المعونة على أمور مطلوبة شرعا فإنه يكون أمرًا محمودًا أو مطلوبًا وهو من الدعوة إلى الله عز وجل. والجن حضروا للنبي صلى الله عليه وسلم وقرأ عليهم القرآن وولّوا إلى قومهم منذرين، والجن فيهم الصلحاء والعباد والزهاد والعلماء؛ لأن المنذر لابد أن يكون عالماً بما ينذر عابداً.
الثانية: أن يستخدم في أمور مباحة فهذا جائز بشرط أن تكون الوسيلة مباحة فإن كانت محرمة فهو محرم مثل أن لا يخدمه الجني إلا أن يشرك بالله كأن يذبح للجني أو يركع له أو يسجد ونحو ذلك.
الثالثة: أن يستخدم في أمور محرمة كنهب أموال الناس وترويعهم وما أشبه ذلك ، فهذا محرم لما فيه من العدوان والظلم ، ثم إن كانت الوسيلة محرمة أو شركا كان أعظم وأشد.

من أقوال العلماء وطلبة العلم في الاستعانة بالجن

ان مسألة الإستعانة بالجن هي من المسائل الخلافية بين أهل العلم والتي أجازها بعض العلماء بشروط ومنعها آخرون .
وأحسن من تكلم في هذه المسألة شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى الجزء الحادي عشر حيث يقول:
والمقصود هنا ان الجن مع الانس على احوال ؛
فمن كان من الانس يأمر الجن بما أمر الله به رسوله من عبادة الله وحده وطاعة نبيه ويأمر الانس بذلك فهذا من أفضل اولياء الله تعالى وهو فى ذلك من خلفاء الرسول ونوابه .
ومن كان يستعمل الجن فى أمور مباحة له فهو كمن استعمل الانس فى أمور مباحة له وهذا كأن يأمرهم بما يجب عليهم وينهاهم عما حرم عليهم ويستعملهم فى مباحات له فيكون بمنزلة الملوك الذين يفعلون مثل ذلك وهذا اذا قدر انه من اولياء الله تعالى فغايته ان يكون فى عموم اولياء الله مثل النبى الملك مع العبد الرسول كسليمان ويوسف مع ابراهيم وموسى وعيسى ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
ومن كان يستعمل الجن فيما ينهى الله عنه ورسوله إما فى الشرك واما فى قتل معصوم الدم او فى العدوان عليهم بغير القتل كتمريضه وانسائه العلم وغير ذلك من الظلم ، واما فى فاحشة كجلب من يطلب منه الفاحشة فهذا قد استعان بهم على الاثم والعدوان ثم ان استعان بهم على الكفر فهو كافر .
وان استعان بهم على المعاصى فهو عاص إما فاسق وإما مذنب غير فاسق .
وان لم يكن تام العلم بالشريعة فاستعان بهم فيما يظن انه من الكرامات مثل ان يستعين بهم على الحج أو ان يطيروا به عند السماع البدعى أو ان يحملوه الى عرفات ولا يحج الحج الشرعى الذى امره الله به ورسوله ، وأن يحملوه من مدينة الى مدينة ، ونحو ذلك فهذا مغرور قد مكروا به.
وكثير من هؤلاء قد لا يعرف ان ذلك من الجن بل قد سمع ان اولياء الله لهم كرامات وخوارق للعادات وليس عنده من حقائق الايمان ومعرفة القرآن ما يفرق به بين الكرامات الرحمانية وبين التلبيسات الشيطانية فيمكرون به بحسب اعتقاده فان كان مشركا يعبد الكواكب والاوثان اوهموه انه ينتفع بتلك العبادة ويكون قصده الاستشفاع والتوسل ممن صور ذلك الصنم على صورته من ملك او نبى او شيخ صالح فيظن انه صالح وتكون عبادته فى الحقيقة للشيطان قال الله تعالى "ويوم نحشرهم جميعا ثم نقول للملائكة اهؤلاء اياكم كانوا يعبدون قالوا سبحانك انت ولينا من دونهم بل كانوا يعبدون الجن أكثرهم بهم مؤمنون"
ويقول في الجزء الثالث عشر من مجموع الفتاوى :
قد قال تعالى عن قول الجن :
" منا الصالحون ومنا دون ذلك كنا طرائق قددا وقالوا وأنا منا المسلمون ومنا القاسطون فمن اسلم فأولئك تحروا رشدا وأما القاسطون فكانوا لجهنم حطبا".
ففيهم الكفار والفساق والعصاة وفيهم من فيه عبادة ودين بنوع من قلة العلم كما فى الانس وكل نوع من الجن يميل الى نظيره من الانس فاليهود مع اليهود والنصارى مع النصارى والمسلمون مع المسلمين والفساق مع الفساق وأهل الجهل والبدع مع أهل الجهل والبدع
واستخدام الانس لهم مثل استخدام الانس للانس بشىء .
منهم من يستخدمهم فى المحرمات من الفواحش والظلم والشرك والقول على الله بلا علم وقد يظنون ذلك من كرامات الصالحين وانما هو من أفعال الشياطين
ومنهم من يستخدمهم فى أمور مباحة اما احضار ماله أو دلالة على مكان فيه مال ليس له مالك معصوم أو دفع من يؤذيه ونحو ذلك فهذا كاستعانة الانس بعضهم ببعض فى ذلك
والنوع الثالث أن يستعملهم فى طاعة الله ورسوله كما يستعمل الانس فى مثل ذلك فيأمرهم بما أمر الله به ورسوله وينهاهم عما نهاهم الله عنه ورسوله كما يأمر الانس وينهاهم وهذه حال نبينا صلى الله عليه وسلم وحال من اتبعه واقتدى به من أمته وهم أفضل الخلق فإنهم يأمرون الانس والجن بما أمرهم الله به ورسوله وينهون الانس والجن عما نهاهم الله عنه ورسوله.
اذ كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم مبعوثا بذلك الى الثقلين الانس والجن وقد قال الله له قل هذه سبيلى أدعو الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعنى وسبحان الله وما أنا من المشركين وقال قل ان كنتم تحبون الله فاتبعونى يحببكم الله ويغفر لكم ذنوبكم والله غفور رحيم
وعمر رضى الله عنه لما نادى يا سارية الجبل قال ان لله جنودا يبلغون صوتى وجنود الله هم من الملائكة ومن صالحى الجن فجنود الله بلغوا صوت عمر الى سارية وهو أنهم نادوه بمثل صوت عمر والا نفس صوت عمر لا يصل نفسه فى هذه المسافة البعيدة وهذا كالرجل يدعو آخر وهو بعيد عنه فيقول يا فلان فيعان على ذلك فيقول الواسطة بينهما يا فلان وقد يقول لمن هو بعيد عنه يا فلان احبس الماء تعال الينا وهو لا يسمع صوته فيناديه الواسطة بمثل ذلك يا فلان احبس الماء أرسل الماء اما بمثل صوت الأول ان كان لا يقبل الا صوته والا فلا يضر بأى صوت كان اذا عرف ان صاحبه قد ناداه
وهذه حكاية كان عمر مرة قد أرسل جيشا فجاء شخص وأخبر أهل المدينة بانتصار الجيش وشاع الخبر فقال عمر من أين لكم هذا قالوا شخص صفته كيت وكيت فأخبرنا فقال عمر ذاك أبو الهيثم بريد الجن وسيجيء بريد الانس بعد ذلك بأيام .
وقد يأمر الملك بعض الناس بأمر ويستكتمه اياه فيخرج فيرى الناس يتحدثون به فإن الجن تسمعه وتخبر به الناس
والذين يستخدمون الجن فى المباحات يشبه استخدام سليمان لكن أعطى ملكا لا ينبغى لأحد بعده وسخرت له الانس والجن وهذا لم يحصل لغيره والنبى صلى الله عليه وسلم لما تفلت عليه العفريت ليقطع عليه صلاته قال فأخذته فذعته حتى سال لعابه على يدى وأردت أن أربطه الى سارية من سوارى المسجد ثم ذكرت دعوة أخى سليمان فأرسلته فلم يستخدم الجن أصلا لكن دعاهم الى الايمان بالله وقرأ عليهم القرآن وبلغهم الرسالة وبايعهم كما فعل بالانس والذى أوتيه صلى الله عليه وسلم أعظم مما أوتيه سليمان فإنه استعمل الجن والانس فى عبادة الله وحده وسعادتهم فى الدنيا والآخرة لا لغرض يرجع اليه الا ابتغاء وجه الله وطلب مرضاته واختار أن يكون عبدا رسولا على أن يكون نبيا ملكا فداود وسليمان ويوسف أنبياء ملوك وابراهيم وموسى وعيسى ومحمد رسل عبيد فهو أفضل كفضل السابقين المقربين على الأبرار أصحاب اليمين وكثير ممن يرى هذه العجائب الخارقة يعتقد أنها من كرامات الاولياء . فتاوى ابن تيمية ج13/ص89
ويقول في الجزء الأول من مجموع الفتاوى :
وهؤلاء المشركون قد تتمثل لهم الشياطين وقد تخاطبهم بكلام وقد تحمل أحدهم فى الهواء وقد تخبره ببعض الأمور الغائبة وقد تأتيه بنفقة أو طعام أو كسوة أو غير ذلك كما جرى مثل ذلك لعباد الأصنام من العرب وغير العرب ، وهذا كثير موجود فى هذا الزمان وغير هذا الزمان للضالين المبتدعين المخالفين للكتاب والسنة ؛
إما بعبادة غير الله ، وإما بعبادة لم يشرعها الله ، وهؤلاء إذا أظهر أحدهم شيئا خارقا للعادة لم يخرج عن أن يكون حالا شيطانيا أو محالا بهتانيا ، فخواصهم تقترن بهم الشياطين كما يقع لبعض العقلاء منهم وقد يحصل ذلك لغير هؤلاء لكن لا تقترن بهم الشياطين إلا مع نوع من البدعة إما كفر وإما فسق وإما جهل بالشرع فإن الشيطان قصده إغواء بحسب قدرته فإن قدر على أن يجعلهم كفارا جعلهم كفارا وإن لم يقدر إلا على جعلهم فساقا أو عصاة وإن لم يقدر إلا على نقص عملهم ودينهم ببدعة يرتكبونها يخالفون بها الشريعة التى بعث الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم فينتفع منهم.
ولهذا قال الأئمة لو رأيتم الرجل يطير فى الهواء أو يمشى على الماء فلا تغتروا به حتى تنظروا وقوفه عند الأمر والنهى ، ولهذا يوجد كثير من الناس يطير فى الهواء وتكون الشياطين هى التى تحمله لا يكون من كرامات أولياء الله المتقين ومن هؤلاء من يحمله الشيطان الى عرفات فيقف مع الناس ثم يحمله فيرده الى مدينته تلك الليلة ويظن هذا الجاهل أن هذا من أولياء الله ولا يعرف أنه يجب عليه أن يتوب من هذا وإن إعتقد أن هذا طاعة وقربة اليه فإنه يستتاب فإن تاب والا قتل لأن الحج الذى أمر الله به ورسوله لا بد فيه من الإحرام والوقوف بعرفة ولابد فيه من أن يطوف بعد ذلك طواف الإفاضة فإنه ركن لايتم الحج الا به بل عليه أن يقف بمزدلفة ويرمى الجمار ويطوف للوداع وعليه إجتناب المحظورات والإحرام من الميقات الى غير ذلك من واجبات الحج ، وهؤلاء الضالون الذين يضلهم الشيطان يحملهم فى الهواء يحمل أحدهم بثيابه فيقف بعرفة ويرجع من تلك اللية حتى يرى فى اليوم الواحد ببلده ويرى بعرفة ومنهم من يتصور الشيطان بصورته ويقف بعرفة فيراه من يعرفه واقفا فيظن أنه ذلك الرجل وقف بعرفة فإذا قال له ذلك الشيخ أنا لم أذهب العام الى عرفة ظن أنه ملك خلق على صورة ذلك الشيخ وإنما هو شيطان تمثل على صورته ومثل هذا وأمثاله يقع كثيرا وهى أحوال شيطانية.
وفي سؤال طرح على اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء عن حكم الإستعانة بالجن:
(( لا تجوز الاستعانة بالجن في معرفة نوع الإصابة ونوع علاجها لأن الإستعانة بالجن شرك . قال الله تعالى (( وأنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادوهم رهقا )) ، وقال تعالى (( ويوم يحشرهم جميعاً يمعشر الجن قد استكثرتم من الإنس وقال أولياؤهم من الإنس ربنا استمتع بعضنا ببعض وبلغنا أجلنا الذي أجلت لنا قال النار مثواكم خالدين فيها إلا ما شاء الله إن ربك حكيم عليم ))
ومعنى الإستمتاع بعضهم ببعض أن الإنس عظموا الجن وخضعوا لهم واستعانوا بهم والجن خدموهم بما يريدون أحضروا لهم ما يطلبون ، ومن ذلك إخبارهم بنوع المرض وأسبابه مما يطلع عليه الجن دون الإنس وقد يكذبون فإنهم لا يؤمنون ولا يجوز تصديقهم . ))
التوقيع (( اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء ))
أنتهى .....
وفتوى أخرى من الشيخ بن باز - رحمه الله حول مشروعية العلاج بالقراءن والنفث في الماء وما الى ذلك ..
فأجاب سماحته - رحمه الله - :
علاج المصروع والمسحور بالآيات القرآنية والأدوية المباحة لا حرج فيه إذا كان ذلك ممن يعرف بالعقيدة الطيبة والالتزام بالأمور الشرعية .
أما العلاج عند الذين يدعون الغيب أو يستحضرون الجن أو أشباههم من المشعوذين أو المجهولين الذين لا تعرف حالهم ولا تعرف كيفية علاجهم فلا يجوز أتيانهم ولا سؤالهم ولا العلاج عندهم لقول النبي صلى الله عليه وسلم (( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً )) أخرحه مسلم فس صحيحه ، وقوله صلى الله عليه وسلم (( من أتى عرافاً أو كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أُنزل على محمد صلى الله عليه وسلم )) أخرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد جيد .
والأحاديث الأخرى في هذا الباب كلها تدل على تحريم سؤال العرافين والكهنة وتصديقهم ، وهم الذين يدعون الغيب أو يستعينون بالجن ويوجد من أعمالهم وتصرفاتهم ما يدل على ذلك وفيهم وأشباههم ورد الحديث المشهور الذي رواه الإمام أحمد وأبو داود بإسناد جيد عن جابر رضي الله عنه قال : سئل النبي صلى الله عليه وسلم عن النشرة فقال (( هي من عمل الشيطان )) وفسر العلماء هذه النشرة بأنها ما كان يعمل في الجاهلية من حل السحر بمثله ويلتحق بذلك كل علاج يستعين فيه بالكهنة والعرافين وأصحاب الكذب والشعوذة .
وبذلك يعلم ان العلاج لجميع الأمراض وأنواع الصرع وغيره إنما يجوز بالطرق الشرعية والوسائل المباحة ومنها القراءة على المريض والنفث عليه بالآيات والدعوات الشرعية لقوله صلى الله عليه وسلم (( لا بأس بالرقى ما لم تكن شركاً )) وقوله صلى الله عليه وسلم ( عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام ))
أنتهى ..

وهذا سؤال طرح على مركز الفتوى حول الإستعانة بالجن." فتوى رقم 7369"
ماحكم من يتعامل مع شخص يتعامل مع الجن في الخير فقط في علاج بعض الأمراض وفك السحر.ولايستخدم الجن إلا في عمل الخير وعرف عن هذا الشخص التقوى والورع . وهل هناك أشخاص يتمتعون بكرامات من الله عز وجل . وهل يكون تسخير الجن للشخص في عمل الخير كرامة له من عند الله سبحانه؟
أفيدونا جزاكم الله خيرا بأسرع وقت ممكن .
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:‏
فإنه لا يجوز الاستعانة بالجن ولوكان في أمور يظهر أنها من أعمال الخير، لأن الاستعانة بهم ‏تؤدي إلى مفاسد كثيرة، ولأنهم من الأمور الغيبية التي يصعب على الإنسان فيها الحكم ‏عليهم بالإسلام، أو الكفر، أو الصلاح، أو النفاق، لأن الحكم بذلك يكون بناء على ‏معرفة تامة بخلقهم ودينهم والتزامهم وتقواهم، وهذا لا يمكن الاستيثاق منه لانعدام مقاييس ‏تحديد الصادقين والكاذبين منهم بالنسبة إلينا.‏
ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا خلفائه الراشدين، ولا الصحابة ولا التابعين، ‏أنهم فعلوا ذلك، أو استعانوا بهم، أو لجؤوا إليهم في حاجاتهم.
ومع انتشار الجهل في عصرنا وقلة العلم قد يقع الإنسان في الشعوذة والسحر، بحجة ‏الاستعانة بالجن في أعمال الخير، وقد يقع في مكرهم وخداعهم وهو لا يشعر، إلى ما في ‏ذلك من فتنة لعامة الناس، مما قد يجعلهم ينحرفون وراء السحرة والمشعوذين بحجة ‏الاستعانة بالجن في أعمال الخير. وما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في فتاويه من أن ‏استخدامهم في المباح والخير جائز كاستخدام الإنس في ذلك، فإنه في آخر كلامه ذكر أن ‏من لم يكن لديه علم تام بالشريعة قد يغتر بهم ويمكرون به.
قال ابن مفلح في الآداب ‏الشرعية:" قال أحمد في رواية البرزاطي في الرجل يزعم أنه يعالج المجنون من الصرع بالرقى ‏والعزائم، أو يزعم أنه يخاطب الجن ويكلمهم، ومنهم من يخدمه. قال: ما أحب لأحد أن ‏يفعله، تركه أحب إلي"
والكرامات جمع كرامة وهي الأمر الخارق للعادة، يظهره الله على يد عبد صالح، ومتبع ‏للسنة.
والتصديق بكرامات أولياء الله الصالحين، وما يجريه الله تعالى على أيديهم من ‏خوارق العادات، من أصول أهل السنة والجماعة.‏
وقد حصل من ذلك الشيء الكثير، فقد أثبت القرآن الكريم والسنة النبوية وقوع جملة ‏منها، ووردت الأخبار المأثورة عن كرامات الصحابة والتابعين، ثم من بعدهم.‏
ومن أمثلة هذه الكرامات قصة أصحاب الكهف، وقصة مريم ووجود الرزق عندها في ‏محرابها دون أن يأتيها بشر، وهما مذكورتان في القرآن الكريم.‏
وقصة أصحاب الغار الثلاثة الذين انطبقت عليهم الصخرة، فدعوا ربهم وتوسلوا إليه ‏بصالح أعمالهم، فانفرجت عنهم. والقصة في الصحيحين. وقصة عابد بني إسرائيل جريج ‏لما اتهم بالزنا فتكلم صبي رضيع ببراءته. وهي في صحيح البخاري.‏
ووجود العنب عند خبيب بن عدي الأنصاري رضي الله عنه حين أسرته قريش، وليس ‏بمكة يومئذ عنب. وهي في البخاري. وغيرها من الكرامات.‏
ولكن مما ينبغي التنبه له: أن المسلم الحق لا يحرص على الكرامة، وإنما يحرص على ‏الاستقامة. وأيضاً فإن صلاح الإنسان ليس مقروناً بظهور الخوارق له، لأنه قد تظهر ‏الخوارق لأهل الكفر والفجور من باب الاستدراج، مثل ما يحدث للدجال من خوارق ‏عظام.
فالكرامة ليست بذاتها دليلاً مستقلاً على الاستقامة، وإنما التزام الشخص بكتاب الله وسنة رسوله هو ‏الدليل على استقامته.‏
وأما من يدعي أن تسخير الجن له من باب الكرامة فدعواه ليست صحيحة، لأن الكرامة لا ‏تأتي لإنسان يريدها، وإنما هي تفضل من الله على أوليائه، قد يطلبونها فتحصل، وقد ‏يطلبونها فتتخلف، وعلينا أن ننظر إلى حال الشخص للحكم عليه لا إلى كراماته.‏

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

Enregistrer un commentaire