أخر المقالات
تحميل...
ضع بريدك هنا وأحصل على أخر التحديثات!

عـــالــمـك الــخـاص بـــك!.

حقائق حول السحر

 السِّحْرَ يَلْتَبِسُ بِالْهِيمْيَاءِ وَالسِّيمْيَاءِ وَالطَّلْسَمَاتِ وَالْأَوْفَاقِ وَالْخَوَاصِّ الْمَنْسُوبَةِ لِلْحَقَائِقِ وَالْخَوَاصِّ الْمَنْسُوبَةِ لِلنُّفُوسِ وَالرُّقَى وَالْعَزَائِمِ وَالِاسْتِخْدَامَات فَهَذِهِ عَشْرُ حَقَائِقَ:

الْحَقِيقَةُ الْأُولَى:
السِّحْرُ وَقَدْ وَرَدَ الْكِتَابُ الْعَزِيزُ بِذَمِّهِ لقوله تعالى: "وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى" (طه: 69) وَفِي السُّنَّةِ أَيْضًا لَمَّا عَدَّ عليه السلام الْكَبَائِرَ قَالَ وَالسِّحْرُ غَيْرَ أَنَّ الْكُتُبَ الْمَوْضُوعَةَ فِي السِّحْرِ وُضِعَ فِيهَا هَذَا الِاسْمُ عَلَى مَا هُوَ كَذَلِكَ كُفْرٌ وَمُحَرَّمٌ وَعَلَى مَا لَيْسَ كَذَلِكَ وَكَذَلِكَ السَّحَرَةُ يُطْلِقُونَ لَفْظَ السِّحْرِ عَلَى الْقِسْمَيْنِ فَلَابُدَّ مِنْ التَّعَرُّضِ لِبَيَانِ ذَلِكَ فَنَقُولُ السِّحْرُ اسْمُ جِنْسٍ لِثَلَاثَةِ أَنْوَاعٍ: 

النَّوْعُ الْأَوَّلُ: السِّيمِيَاءُ وَهُوَ عِبَارَةٌ عَمَّا يُرَكَّبُ مِنْ خَوَاصَّ أَرْضِيَّةٍ كَدُهْنٍ خَاصٍّ أَوْ مَائِعَاتٍ خَاصَّةٍ أَوْ كَلِمَاتٍ خَاصَّةٍ تُوجِبُ تَخَيُّلَاتٍ خَاصَّةً وَإِدْرَاكَ الْحَوَاسِّ الْخَمْسِ أَوْ بَعْضًا لِحَقَائِقَ مِنْ الْمَأْكُولَاتِ وَالْمَشْمُومَاتِ وَالْمُبْصَرَاتِ وَالْمَلْمُوسَاتِ وَالْمَسْمُوعَاتِ وَقَدْ يَكُونُ لِذَلِكَ وُجُودٌ حَقِيقِيٌّ يَخْلُقُ اللَّهُ تِلْكَ الْأَعْيَانَ عِنْدَ تِلْكَ الْمُحَاوَلَاتِ وَقَدْ لَا تَكُونُ لَهُ حَقِيقَةٌ بَلْ تَخَيُّلُ صَرْفٍ وَقَدْ يَسْتَوْلِي ذَلِكَ عَلَى الْأَوْهَامِ حَتَّى يَتَخَيَّلَ الْوَهْمُ مُضِيَّ السِّنِينَ الْمُتَطَاوِلَةِ فِي الزَّمَنِ الْيَسِيرِ وَتَكَرُّرَ الْفُصُولِ وَتَخَيَّلَ السِّنَّ وَحُدُوثَ الْأَوْلَادِ وَانْقِضَاءَ الْأَعْمَارِ فِي الْوَقْتِ الْمُتَقَارِبِ مِنْ السَّاعَةِ وَنَحْوِهَا وَيَسْلُبُ الْفِكْرَ الصَّحِيحَ بِالْكُلِّيَّةِ وَيَصِيرُ أَحْوَالُ الْإِنْسَانِ مَعَ تِلْكَ الْمُحَاوَلَاتِ كَحَالَاتِ النَّائِمِ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ وَيَخْتَصُّ ذَلِكَ كُلُّهُ بِمَنْ عُمِلَ لَهُ، وَمَنْ لَمْ يُعْمَلْ لَهُ لَا يَجِدُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ.

النَّوْعِ الثَّانِي: الْهِيمْيَاءِ وَامْتِيَازُهَا عَنْ السِّيمِيَاءِ أَنَّ مَا تَقَدَّمَ يُضَافُ لِلْآثَارِ السَّمَاوِيَّةِ مِنْ الِاتِّصَالَاتِ الْفَلَكِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَحْوَالِ الْأَفْلَاكِ فَيَحْدُثُ جَمِيعُ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ فَخَصَّصُوا هَذَا النَّوْعَ لِهَذَا الِاسْمِ تَمْيِيزًا بَيْنَ الْحَقَائِقِ .
النَّوْعُ الثَّالِثُ: بَعْضُ خَوَاصِّ الْحَقَائِقِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ وَغَيْرِهَا كَمَا تُؤْخَذُ سَبْعٌ مِنْ الْحِجَارَةِ فَيُرْجَمُ بِهَا نَوْعٌ مِنْ الْكِلَابِ شَأْنُهُ إذَا رَمَى بِحَجَرٍ عَضَّهُ وَبَعْضُ الْكِلَابِ لَا يَعَضُّهُ فَالنَّوْعُ الْأَوَّلُ إذَا رُمِيَ بِهَذِهِ السَّبْعَةِ الْأَحْجَارِ فَيَعَضُّهَا كُلَّهَا لُقِطَتْ بَعْدَ ذَلِكَ وَطُرِحَتْ فِي مَاءٍ فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ ظَهَرَتْ فِيهِ آثَارٌ عَجِيبَةٌ خَاصَّةٌ نَصَّ عَلَيْهَا السَّحَرَةُ وَنَحْوُ هَذَا النَّوْعِ مِنْ الْخَوَاصِّ الْمُغَيِّرَةِ لِأَحْوَالِ النُّفُوسِ، وَأَمَّا خَوَاصُّ الْحَقَائِقِ الْمُخْتَصَّةِ بِانْفِعَالَاتِ الْأَمْزِجَةِ صِحَّةً أَوْ سَقَمًا نَحْوَ الْأَدْوِيَةِ وَالْأَغْذِيَةِ مِنْ الْجَمَادِ وَالنَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ الْمَسْطُورَةِ فِي كُتُبِ الْأَطِبَّاءِ وَالْعَشَّابِينَ والطبائعيين فَلَيْسَ مِنْ هَذَا النَّوْعِ بَلْ هَذَا مِنْ عِلْمِ الطِّبِّ لَا مِنْ عِلْمِ السِّحْرِ وَيَخْتَصُّ بِالسِّحْرِ مَا كَانَ سُلْطَانُهُ عَلَى النُّفُوسِ خَاصَّةً.
قَالَ الطُّرْطُوشِيُّ: فِي تَعْلِيقِهِ وَقَعَ فِي الْمَوَّازِيَّةِ أَنَّ مَنْ قَطَعَ أُذُنًا ثُمَّ أَلْصَقَهَا أَوْ أَدْخَلَ السَّكَاكِينَ فِي بَطْنِهِ فَقَدْ يَكُونُ هَذَا سِحْرًا وَقَدْ لَا يَكُونُ سِحْرًا اخْتَلَفَ الْأُصُولِيُّونَ.
فَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يَكُونُ السِّحْرُ إلَّا رُقًى أَجْرَى اللَّهُ تَعَالَى عَادَتَهُ أَنْ يَخْلُقَ عِنْدَهَا افْتِرَاقَ الْمُتَحَابِّينَ وَقَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو إِسْحَاقَ وَقَدْ يَقَعُ بِهِ التَّغْيِيرُ وَالضَّنَى، وَرُبَّمَا أَتْلَفَ وَأَوْجَبَ الْحُبَّ وَالْبُغْضَ وَالْبَلَهَ وَفِيهِ أَدْوِيَةٌ مِثْلُ الْمَرَائِرِ وَالْأَكْبَادِ وَالْأَدْمِغَةِ فَهَذَا الَّذِي يَجُوزُ عَادَةً. وَأَمَّا طُلُوعُ الزَّرْعِ فِي الْحَالِ أَوْ نَقْلُ الْأَمْتِعَةِ وَالْقَتْلُ عَلَى الْفَوْرِ وَالْعَمَى وَالصَّمَمُ وَنَحْوُهُ وَعِلْمُ الْغَيْبِ فَمُمْتَنِعٌ، وَإِلَّا لَمْ يَأْمَنْ أَحَدٌ عَلَى نَفْسِهِ عِنْدَ الْعَدَاوَةِ وَقَدْ وَقَعَ الْقَتْلُ وَالْعِنَادُ مِنْ السَّحَرَةِ، وَلَمْ يَبْلُغْ فِيهَا أَحَدٌ هَذَا الْمَبْلَغَ، وَقَدْ وَصَلَ الْقِبْطُ فِيهِ إلَى الْغَايَةِ وَقَطَعَ فِرْعَوْنُ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ، وَلَمْ يَتَمَكَّنُوا مِنْ الدَّفْعِ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَالتَّغَيُّبِ وَالْهُرُوبِ وَحَكَى ابْنُ الْجُوَيْنِيِّ أَنَّ أَكْثَرَ عُلَمَائِنَا جَوَّزُوا أَنْ يُسْتَدَقَّ جِسْمُ السَّاحِرِ حَتَّى يَلِجَ فِي الْكَوَّةِ وَيَجْرِيَ عَلَى خَيْطٍ مُسْتَدَقٍّ وَيَطِيرَ فِي الْهَوَاءِ وَيَقْتُلَ غَيْرَهُ.
قَالَ الْقَاضِي: وَلَا يَقَعُ فِيهِ إلَّا مَا هُوَ مَقْدُورٌ لِلْبَشَرِ، وَأَجْمَعَتْ الْأُمَّةُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى إحْيَاءِ الْمَوْتَى، وَإِبْرَاءِ الْأَكْمَهِ وَفَلْقِ الْبَحْرِ، وَإِنْطَاقِ الْبَهَائِمِ قُلْتُ وَوُصُولُهُ إلَى الْقَتْلِ وَتَغْيِيرِ الْخَلْقِ وَنَقْلِ الْإِنْسَانِ إلَى صُورَةِ الْبَهَائِمِ هُوَ الصَّحِيحُ الْمَنْقُولُ عَنْهُمْ وَقَدْ كَانَ الْقِبْطُ فِي أَيَّامِ دَلُوكَا مَلِكَةَ مِصْرَ بَعْدَ فِرْعَوْنَ وَضَعُوا السِّحْرَ فِي الْبَرَابِي وَصَوَّرُوا فِيهِ عَسَاكِرَ الدُّنْيَا فَأَيُّ عَسْكَرٍ قَصَدَهُمْ، وَأَيُّ شَيْءٍ فَعَلُوهُ تَخَيَّلَ ذَلِكَ الْجَيْشَ الْمُصَوَّرَ أَوْ رِجَالَهُ مِنْ قَلْعِ الْأَعْيُنِ أَوْ ضَرْبِ الرِّقَابِ وَقَعَ بِذَلِكَ الْعَسْكَرِ فِي مَوْضِعِهِ فَتُحَاشِيهِمْ الْعَسَاكِرُ فَأَقَامُوا سِتَّمِائَةِ سَنَةً وَالنِّسَاءُ هُنَّ الْمُلُوكُ وَالْأُمَرَاءُ بِمِصْرَ بَعْدَ غَرَقِ فِرْعَوْنَ وَجُيُوشِهِ كَذَلِكَ حَكَاهُ الْمُؤَرِّخُونَ.

وَأَمَّا سَحَرَةُ فِرْعَوْنَ فَالْجَوَابُ عَنْهُمْ مِنْ وُجُوهٍ:

الْأَوَّلِ: أَنَّهُمْ تَابُوا فَمَنَعَتْهُمْ التَّوْبَةُ وَالْإِسْلَامُ الْعَوْدَةَ إلَى مُعَاوَدَةِ الْكُفْرِ الَّذِي تَكُونُ بِهِ تِلْكَ الْآثَارُ وَرَغِبُوا فِيمَا عِنْدَ اللَّهِ وَلِذَلِكَ قَالُوا "لَا ضَيْرَ إنَّا إلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ" (الشعراء: 50).

الثَّانِي: لَعَلَّهُمْ لَمْ يَكُونُوا مِمَّا وَصَلُوا لِذَلِكَ، وَإِنَّمَا قَصَدَ مِنْ السَّحَرَةِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَنْ يَقْدِرُ عَلَى قَلْبِ الْعَصَا حَيَّةً لِأَجْلِ مُوسَى عليه السلام.
الثَّالِثِ: أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِرْعَوْنُ قَدْ عَلَّمَهُ بَعْضُ السَّحَرَةِ حُجُبًا وَمَوَانِعَ يُبْطِلُ بِهَا سِحْرَ السَّحَرَةِ اعْتِنَاءً بِهِ وَالْحُجُبُ وَالْمُبْطِلَاتُ فِيهِ مُشْتَهِرَةٌ عِنْدَ أَهْلِهِ فَانْدَفَعَ السُّؤَالُ فَهَذِهِ أَنْوَاعُ السِّحْرِ الثَّلَاثَةِ ثُمَّ هَذِهِ الْأَنْوَاعُ قَدْ تَقَعُ بِلَفْظٍ وَهُوَ كُفْرٌ أَوْ اعْتِقَادٍ هُوَ كُفْرٌ أَوْ فِعْلٍ هُوَ كُفْرٌ.
فَالْأَوَّلُ كَالسَّبِّ الْمُتَعَلِّقِ بِمَنْ سَبَّهُ كُفْرٌ، وَالثَّانِي كَاعْتِقَادِ انْفِرَادِ الْكَوَاكِبِ أَوْ بَعْضِهَا بِالرُّبُوبِيَّةِ، وَالثَّالِثِ كَإِهَانَةِ مَا أَوْجَبَ اللَّهُ تَعْظِيمَهُ مِنْ الْكِتَابِ الْعَزِيزِ وَغَيْرِهِ فَهَذِهِ الثَّلَاثَةُ مَتَى وَقَعَ شَيْءٌ مِنْهَا فِي السِّحْرِ فَذَلِكَ السِّحْرُ كُفْرٌ لَا مِرْيَةَ فِيهِ وَقَدْ يَقَعُ السِّحْرُ بِشَيْءٍ مُبَاحٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي وَضْعِ الْأَحْجَارِ فِي الْمَاءِ فَإِنَّهَا مُبَاحَةٌ وَكَذَلِكَ رَأَيْت بَعْضَ السَّحَرَةِ يَسْحَرُ الْحَيَّاتِ الْعِظَامَ فَتُقْبِلُ إلَيْهِ وَتَمُوتُ بَيْنَ يَدَيْهِ سَاعَةً ثُمَّ تُفِيقُ ثُمَّ يُعَاوِدُ ذَلِكَ الْكَلَامَ فَيَعُودُ حَالُهَا كَذَلِكَ أَبَدًا وَكَانَ فِي ذَلِكَ يَقُولُ مُوسَى بِعَصَاهُ مُحَمَّدٌ بِفُرْقَانِهِ يَا مُعَلِّمَ الصِّغَارِ عَلِّمْنِي كَيْفَ آخُذُ الْحَيَّةَ وَالْحَوِيَّةَ وَكَانَتْ لَهُ قُوَّةُ نَفْسٍ يَحْصُلُ مِنْهَا مَعَ هَذِهِ الْكَلِمَاتِ هَذَا الْأَثَرُ وَهَذِهِ الْكَلِمَاتُ مُبَاحَةٌ لَيْسَ فِيهَا كُفْرٌ وَقُوَّةُ نَفْسِهِ الَّتِي جُبِلَ عَلَيْهَا لَيْسَتْ مِنْ كَسْبِهِ فَلَا يَكْفُرُ بِهَا كَمَا أَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَعْصِي بِمَا جُبِلَتْ عَلَيْهِ نَفْسُهُ مِنْ الْإِصَابَةِ بِالْعَيْنِ وَتَأْثِيرِهَا فِي قَتْلِ الْحَيَوَانَاتِ وَغَيْرِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَأْثَمُ بِتَصَدِّيهِ وَاكْتِسَابِهِ لِذَاكَ حَرَّمَ الشَّرْعُ أَذِيَّتَهُ أَوْ قَتْلَهُ أَمَّا لَوْ تَصَدَّى صَاحِبُ الْعَيْنِ لِقَتْلِ أَهْلِ الْحَرْبِ أَوْ السِّبَاعِ الْمُهْلِكَةِ كَانَ طَائِعًا لِلَّهِ تَعَالَى بِإِصَابَتِهِ بِالْعَيْنِ الَّتِي طُبِعَتْ عَلَيْهَا نَفْسُهُ فَكَذَلِكَ هَاهُنَا وَكَذَلِكَ سُحِرَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مُشْطٍ وَمُشَاطَةٍ وَكَوْرِ طَلْعٍ مِنْ النَّخْلِ وَجُعِلَ الْجَمِيعُ فِي بِئْرٍ فَهَذِهِ الْأُمُورُ فِي جَمْعِهَا وَجَعْلِهَا فِي الْبِئْرِ أَمْرٌ مُبَاحٌ إلَّا مِنْ جِهَةِ مَا يَتَرَتَّبُ عَلَيْهِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ التَّفْصِيلُ فَقَدْ يَكُونُ كُفْرًا وَاجِبًا فِي صُورَةٍ أُخْرَى اقْتَضَتْ قَوَاعِدُ الشَّرْعِ وُجُوبَهَا فَإِنْ كَانَ مَعَ هَذِهِ الْأُمُورِ الْمَوْضُوعَةِ فِي الْبِئْرِ كَلِمَاتٌ أُخْرَى أَوْ شَيْءٌ آخَرُ وَهُوَ الظَّاهِرُ نَظَرَ فِيهِ هَلْ يَقْتَضِي كُفْرًا أَوْ هُوَ مُبَاحٌ مِثْلُهَا وَلِلسَّحَرَةِ فُصُولٌ كَثِيرَةٌ فِي كُتُبِهِمْ يُقْطَعُ مِنْ قِبَلِ الشَّرْعِ بِأَنَّهَا لَيْسَتْ مَعَاصِيَ، وَلَا كُفْرًا كَمَا أَنَّ لَهُمْ مَا يَقْطَعُ بِأَنَّهُ كُفْرٌ فَيَجِبُ حِينَئِذٍ التَّفْصِيلُ كَمَا قَالَهُ الشَّافِعِيُّ رضي الله عنه أَمَّا الْإِطْلَاقُ بِأَنَّ كُلَّ مَا يُسَمَّى: سِحْرًا كُفْرٌ فَصَعْبٌ جِدًّا فَقَدْ تَقَرَّرَ بَيَانُ أَرْبَعَةِ حَقَائِقَ مِنْ الْعَشَرَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ السِّحْرُ الَّذِي هُوَ الْجِنْسُ الْعَامُّ، وَأَنْوَاعُهُ الثَّلَاثَةُ: السِّيمِيَاءُ وَالْهِيمْيَاءُ وَالْخَوَاصُّ الْمُتَقَدِّمُ ذِكْرُهَا.

الْحَقِيقَةُ الْخَامِسَةُ:
الطَّلْمَسَاتُ وَحَقِيقَتُهَا نَفْسُ أَسْمَاءٍ خَاصَّةٍ لَهَا تَعَلُّقٌ بِالْأَفْلَاكِ وَالْكَوَاكِبِ عَلَى زَعْمِ أَهْلِ هَذَا الْعِلْمِ فِي أَجْسَامٍ مِنْ الْمَعَادِنِ أَوْ غَيْرِهَا تَحْدُثُ لَهَا آثَارٌ خَاصَّةٌ رُبِطَتْ بِهَا فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ فَلَا بُدَّ فِي الطَّلْسَمِ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَسْمَاءِ الْمَخْصُوصَةِ وَتَعَلُّقِهَا بِبَعْضِ أَجْزَاءِ الْفَلَكِ وَجَعْلِهَا فِي جِسْمٍ مِنْ الْأَجْسَامِ، وَلَا بُدَّ مَعَ ذَلِكَ مِنْ قُوَّةِ نَفْسٍ صَالِحَةٍ لِهَذِهِ الْأَعْمَالِ فَلَيْسَ كُلُّ النُّفُوسِ مَجْبُولَةً عَلَى ذَلِكَ.

الْحَقِيقَةُ السَّادِسَةُ:
الْأَوْفَاقُ وَهِيَ الَّتِي تَرْجِعُ إلَى مُنَاسَبَاتِ الْأَعْدَادِ وَجَعْلِهَا عَلَى شَكْلٍ مَخْصُوصٍ مُرَبَّعٍ وَيَكُونُ ذَلِكَ الْمُرَبَّعُ مَقْسُومًا بُيُوتًا فَيُوضَعُ فِي كُلِّ بَيْتٍ عَدَدٌ حَتَّى تَكْمُلَ الْبُيُوتُ فَإِذَا جُمِعَ صَفٌّ كَامِلٌ مِنْ أَضْلَاعِ الْمُرَبَّعِ فَكَانَ مَجْمُوعُهُ عَدَدًا وَلْيَكُنْ عِشْرِينَ مَثَلًا فَلْتَكُنْ الْأَضْلَاعُ الْأَرْبَعَةُ إذَا جُمِعَتْ كَذَلِكَ وَيَكُونُ الْمُرَبَّعُ الَّذِي هُوَ مِنْ الرُّكْنِ إلَى الرُّكْنِ كَذَلِكَ فَهَذَا وَفْقٌ فَإِنْ كَانَ الْعَدَدُ مِائَةً وَمِنْ كُلِّ جِهَةٍ كَمَا تَقَدَّمَ مِائَةٌ فَهَذَا لَهُ آثَارٌ مَخْصُوصَةٌ أَنَّهُ خَاصٌّ بِالْحُرُوبِ وَنُصِرَ مَنْ يَكُونُ فِي لِوَائِهِ، وَإِنْ كَانَ خَمْسَةَ عَشَرَ مِنْ كُلِّ جِهَةٍ فَهُوَ خَاصٌّ بِتَيْسِيرِ الْعَسِيرِ، وَإِخْرَاجِ الْمَسْجُونِ، وَأَيْضًا الْجَنِينِ مِنْ الْحَامِلِ وَتَيْسِيرِ الْوَضْعِ وَكُلِّ مَا هُوَ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى.
وَكَانَ الْغَزَالِيُّ يَعْتَنِي بِهِ كَثِيرًا حَتَّى أَنَّهُ يُنْسَبُ إلَيْهِ وَضَابِطُهُ (ب ط د ز هـ ج و ا ح) فَكُلُّ حَرْفٍ مِنْهَا لَهُ عَدَدٌ إذَا جُمِعَ عَدَدُ ثَلَاثَةٍ مِنْهَا كَانَ مِثْلَ عَدَدِ الثَّلَاثَةِ الْأُخَرِ فَالْبَاءُ بِاثْنَيْنِ وَالطَّاءُ بِتِسْعَةٍ وَالدَّالُ بِأَرْبَعَةٍ صَارَ الْجَمِيعُ بِخَمْسَةَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ تَقُولُ الْبَاءُ بِاثْنَيْنِ وَالزَّايُ بِسَبْعَةٍ وَالْوَاوُ بِسِتَّةٍ صَارَ الْجَمِيعُ مِنْ الضِّلْعِ الْآخَرِ خَمْسَةَ عَشَرَ وَكَذَلِكَ الْفِطْرُ مِنْ الرُّكْنِ إلَى الرُّكْنِ تَقُولُ الْبَاءُ بِاثْنَيْنِ وَالْهَاءُ بِخَمْسَةٍ وَالْحَاءُ بِثَمَانِيَةٍ الْجَمِيعُ خَمْسَةَ عَشَرَ وَهُوَ مِنْ حِسَابِ الْجُمَلِ وَعَلَى هَذَا الْمِثَالِ وَهِيَ الْأَوْفَاقُ وَلَهَا كُتُبٌ مَوْضُوعَةٌ لِتَعْرِيفِ كَيْفَ تُوضَعُ حَتَّى تَصِيرَ عَلَى هَذِهِ النِّسْبَةِ مِنْ الِاسْتِوَاءِ، وَهِيَ كُلَّمَا كَثُرَتْ كَانَ أَعْسَرَ، وَالضَّوَابِطُ الْمَوْضُوعَةُ لَهَا حَسَنَةٌ لَا تَنْخَرِمُ إذَا عُرِفَتْ أَعْنِي فِي الصُّورَةِ الْوَضْعَ، وَأَمَّا مَا نُسِبَ إلَيْهَا مِنْ الْآثَارِ قَلِيلَةُ الْوُقُوعِ أَوْ عَدِيمَتُهُ.

الْحَقِيقَةُ السَّابِعَةُ:

الْخَوَاصُّ الْمَنْسُوبَةُ إلَى الْحَقَائِقِ، وَلَا شَكَّ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى أَوْدَعَ فِي أَجْزَاءِ هَذَا الْعَالَمِ أَسْرَارًا وَخَوَاصَّ عَظِيمَةً وَكَثِيرَةً حَتَّى لَا يَكَادَ يَعْرَى شَيْءٌ عَنْ خَاصِّيَّةٍ فَمِنْهَا مَا هُوَ مَعْلُومٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ كَإِرْوَاءِ الْمَاءِ، وَإِحْرَاقِ النَّارِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ مَجْهُولٌ عَلَى الْإِطْلَاقِ، وَمِنْهُ مَا يَعْلَمُهُ الْأَفْرَادُ مِنْ النَّاسِ كَالْجُحْرِ وَالْمُكَرَّمِ، وَمَا يُصْنَعُ مِنْهُ الْكِيمْيَاءُ، وَنَحْوُ ذَلِكَ كَمَا يُقَالُ إنَّ بِالْهِنْدِ شَجَرًا إذَا عُمِلَ مِنْهُ دُهْنٌ وَدَهَنَ بِهِ إنْسَانٌ لَا يَقْطَعُ فِيهِ الْحَدِيدُ، وَشَجَرًا إذَا اُسْتُخْرِجَ مِنْهُ دُهْنٌ وَشُرِبَ عَلَى صُورَةٍ خَاصَّةٍ مَذْكُورَةٍ عِنْدَهُمْ فِي الْعَمَلِيَّاتِ اسْتَغْنَى عَنْ الْغِذَاءِ وَامْتَنَعَتْ عَلَيْهِ الْأَمْرَاضُ وَاسْتَقَامَ، وَلَا يَمُوتُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ وَطَالَتْ حَيَاتُهُ أَبَدًا حَتَّى يَأْتِيَ مَنْ يَقْتُلُهُ أَمَّا مَوْتُهُ بِهَذِهِ الْأَسْبَابِ الْعَادِيَّةِ فَلَا، وَنَحْوُ ذَلِكَ فَهَذَا شَيْءٌ مُودَعٌ فِي أَجْزَاءِ الْعَالَمِ لَا يَدْخُلُهُ فِعْلُ الْبَشَرِ بَلْ هُوَ ثَابِتٌ كَامِلٌ مُسْتَقِلٌّ بِقُدْرَةِ اللَّهِ تَعَالَى.
الْحَقِيقَةُ الثَّامِنَةُ:
خَوَاصُّ النُّفُوسِ وَهُوَ نَوْعٌ خَاصٌّ مِنْ الْخَوَاصِّ الْمُودَعَةِ فِي الْعَالَمِ فَطَبِيعَةُ الْحَيَوَانَاتِ طَبَائِعُ مُخْتَلِفَةٌ حَتَّى لَا تَكَادَ تَتَّفِقُ بَلْ نَقْطَعُ أَنَّهُ لَا يَسْتَوِي اثْنَانِ مِنْ الْأَنَاسِيِّ فِي مِزَاجٍ وَاحِدٍ وَيَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ أَنَّك لَا تَجِدُ أَحَدًا يُشْبِهُ أَحَدًا مِنْ جَمِيعِ الْوُجُوهِ، وَلَوْ عَظُمَ الشَّبَهُ لَا بُدَّ مِنْ فَرْقٍ بَيْنَهُمَا. وَمَعْلُومٌ أَنَّ صِفَاتِ الصُّوَرِ فِي الْوُجُوهِ وَغَيْرِهَا تَابِعَةٌ لِلْأَمْزِجَةِ فَلَمَّا حَصَلَ التَّبَايُنُ فِي الصِّفَاتِ عَلَى الْإِطْلَاقِ وَجَبَ التَّبَايُنُ فِي الْأَمْزِجَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ فَنَفْسٌ طُبِعَتْ عَلَى الشَّجَاعَةِ إلَى الْغَايَةِ وَأُخْرَى عَلَى الْجُبْنِ إلَى الْغَايَةِ وَأُخْرَى عَلَى الشَّرِّ إلَى الْغَايَةِ وَأُخْرَى عَلَى الْخَيْرِ إلَى الْغَايَةِ وَأُخْرَى أَيُّ شَيْءٍ عَظَّمَتْهُ هَلَكَ وَهَذَا هُوَ الْمُسَمَّى بِالْعَيْنِ وَلَيْسَ كُلُّ أَحَدٍ يُؤْذِي بِالْعَيْنِ وَاَلَّذِينَ يُؤْذُونَ بِهَا تَخْتَلِفُ أَحْوَالُهُمْ فَمِنْهُمْ مَنْ يَصِيدُ بِالْعَيْنِ الطَّيْرَ فِي الْهَوَى وَيَقْلَعُ الشَّجَرَ الْعَظِيمَ مِنْ الثَّرَى أَخْبَرَنِي بِذَلِكَ الْعُدُولُ وَغَيْرُهُمْ وَآخَرُ لَا يَصِلُ بِعَيْنِهِ إلَى ذَلِكَ بَلْ التَّمْرِيضُ اللَّطِيفُ وَنَحْوُ ذَلِكَ وَمِنْهُمْ مَنْ طُبِعَ عَلَى صِحَّةِ الْحَزْرِ فَلَا يُخْطِئُ الْغَيْبَ عِنْدَ شَيْءٍ مَخْصُوصٍ، وَلَا يَتَأَتَّى لَهُ ذَلِكَ فِي غَيْرِهِ فَلِذَلِكَ تَجِدُ بَعْضَهُمْ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ الرَّمَلِ أَبَدًا وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي أَحْكَامِ النُّجُومِ أَبَدًا وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ الْكَتِفِ أَبَدًا، وَآخَرُ لَا يُخْطِئُ فِي عِلْمِ السَّيْرِ أَبَدًا؛ لِأَنَّ نَفْسَهُ طُبِعَتْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَمْ يُطْبَعْ عَلَى غَيْرِهِ فَمَنْ تَوَجَّهَتْ نَفْسُهُ لِطَلَبِ الْغَيْبِ عِنْدَ ذَلِكَ الْفِعْلِ الْخَاصِّ أَدْرَكَتْهُ بِخَاصِّيَّتِهَا لَا؛ لِأَنَّ النُّجُومَ فِيهَا شَيْءٌ، وَلَا الْكَتِفَ، وَلَا الرَّمَلَ، وَلَا بَقِيَّتَهَا بَلْ هِيَ خَوَاصُّ نُفُوسٍ، وَبَعْضُهُمْ يَجِدُ صِحَّةَ أَعْمَالِهِ فِي ذَلِكَ وَهُوَ شَابٌّ فَإِذَا صَارَ كَبِيرًا فَقَدَهَا؛ لِأَنَّ الْقُوَّةَ نَقَصَتْ عَنْ تِلْكَ الْحِدَّةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الشُّبُوبِيَّةِ وَقَدْ ذَهَبَتْ، وَمِنْ خَوَاصِّ النُّفُوسِ مَا يَقْتُلُ فَفِي الْهِنْدِ جَمَاعَةٌ إذَا وَجَّهُوا أَنْفُسَهُمْ لِقَتْلِ شَخْصٍ مَاتَ وَيُشَقُّ صَدْرُهُ فَلَا يُوجَدُ فِيهِ قَلْبُهُ بَلْ انْتَزَعُوهُ مِنْ صَدْرِهِ بِالْهِمَّةِ وَالْعَزْمِ وَقُوَّةِ النَّفْسِ وَيُجَرِّبُونَ بِالرُّمَّانِ فَيَجْمَعُونَ عَلَيْهِ هِمَمَهُمْ فَلَا تُوجَدُ فِيهِ حَبَّةٌ وَخَوَاصُّ النُّفُوسِ كَثِيرَةٌ لَا تُعَدُّ وَلَا تُحْصَى، وَإِلَيْهِ مَعَ غَيْرِهِ الْإِشَارَةُبِقَوْلِهِ عليه السلام: (النَّاسُ مَعَادِنُ كَمَعَادِنِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ) الْحَدِيثَ، إشَارَةً إلَى تَبَايُنِ الْأَخْلَاقِ وَالْخَلْقِ وَالسَّجَايَا وَالْقُوَى كَمَا أَنَّ الْمَعَادِنَ كَذَلِكَ .

الْحَقِيقَةُ التَّاسِعَةُ:

الرُّقَى وَهِيَ أَلْفَاظٌ خَاصَّةٌ يَحْدُثُ عِنْدَهَا الشِّفَاءُ مِنْ الْأَسْقَامِ وَالْأَدْوَاءِ وَالْأَسْبَابِ الْمُهْلِكَةِ، وَلَا يُقَالُ لَفْظُ الرُّقَى عَلَى مَا يُحْدِثُ ضَرَرًا بَلْ ذَلِكَ يُقَالُ لَهُ السِّحْرُ وَهَذِهِ الْأَلْفَاظُ مِنْهَا مَا هُوَ مَشْرُوعٌ كَالْفَاتِحَةِ وَالْمُعَوِّذَتَيْنِ وَمِنْهَا مَا هُوَ غَيْرُ مَشْرُوعٍ كَرُقَى الْجَاهِلِيَّةِ وَالْهِنْدِ وَغَيْرِهِمَا وَرُبَّمَا كَانَ كُفْرًا وَلِذَلِكَ نَهَى مَالِكٌ وَغَيْرُهُ عَنْ الرُّقَى بِالْعَجَمِيَّةِ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ فِيهِ مُحَرَّمٌ وَقَدْ نَهَى عُلَمَاءُ مِصْرَ عَنْ الرُّقْيَةِ الَّتِي تُكْتَبُ فِي آخِرِ جُمُعَةٍ مِنْ شَهْرِ رَمَضَانَ لِمَا فِيهَا مِنْ اللَّفْظِ الْأَعْجَمِيِّ وَلِأَنَّهُمْ يَشْتَغِلُونَ بِهَا عَنْ الْخُطْبَةِ وَيَحْصُلُ بِهَا مَعَ ذَلِكَ مَفَاسِدُ .

الْحَقِيقَةُ الْعَاشِرَةُ:

الْعَزَائِمُ وَهِيَ كَلِمَاتٌ يَزْعُمُ أَهْلُ هَذَا الْعِلْمِ أَنَّ سُلَيْمَانَ عليه السلام لَمَّا أَعْطَاهُ اللَّهُ تَعَالَى الْمُلْكَ وَجَدَ الْجَانَّ يَعْبَثُونَ بِبَنِي آدَمَ وَيَسْخَرُونَ بِهِمْ فِي الْأَسْوَاقِ وَيَخْطَفُونَهُمْ مِنْ الطُّرُقَاتِ فَسَأَلَ اللَّهَ تَعَالَى أَنْ يُوَلِّيَ عَلَى كُلِّ قَبِيلٍ مِنْ الْجَانِّ مَلَكًا يَضْبِطُهُمْ عَنْ الْفَسَادِ فَوَلَّى اللَّهُ تَعَالَى الْمَلَائِكَةَ عَلَى قَبَائِلِ الْجِنِّ فَمَنَعُوهُمْ مِنْ الْفَسَادِ وَمُخَالَطَةِ النَّاسِ، وَأَلْزَمَهُمْ سُلَيْمَانُ عليه السلام سُكْنَى الْقِفَارِ وَالْخَرَابِ مِنْ الْأَرْضِ دُونَ الْعَامِرِ لِيَسْلَمَ النَّاسُ مِنْ شَرِّهِمْ فَإِذَا عَثَا بَعْضُهُمْ، وَأَفْسَدَ ذَكَرَ الْمُعَزِّمُ كَلِمَاتٍ تُعَظِّمُهَا تِلْكَ الْمَلَائِكَةُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ لِكُلِّ نَوْعٍ مِنْ الْمَلَائِكَةِ أَسْمَاءً أُمِرَتْ بِتَعْظِيمِهَا، وَمَتَى أُقْسِمَ عَلَيْهَا بِهَا أَطَاعَتْ، وَأَجَابَتْ وَفَعَلَتْ مَا طُلِبَ مِنْهَا فَالْمُعَزِّمُ يُقْسِمُ بِتِلْكَ الْأَسْمَاءِ عَلَى ذَلِكَ الْمَلَكِ فَيُحْضِرُ لَهُ الْقَبِيلَ مِنْ الْجَانِّ الَّذِي طَلَبَهُ أَوْ الشَّخْصَ مِنْهُمْ فَيَحْكُمُ فِيهِ بِمَا يُرِيدُ وَيَزْعُمُونَ أَنَّ هَذَا الْبَابَ إنَّمَا دَخَلَهُ الْخَلَلُ مِنْ جِهَةِ عَدَمِ ضَبْطِ تِلْكَ الْأَسْمَاءِ فَإِنَّهَا أَعْجَمِيَّةٌ لَا يُدْرَى وَزْنُ كُلِّ حَرْفٍ مِنْهَا يُشَكُّ فِيهِ هَلْ هُوَ بِالضَّمِّ أَوْ الْفَتْحِ أَوْ الْكَسْرِ وَرُبَّمَا أَسْقَطَ النُّسَّاخُ بَعْضَ حُرُوفِهِ مِنْ غَيْرِ عِلْمٍ فَيَخْتَلُّ الْعَمَلُ فَإِنَّ الْمُقِيمَ لَفْظٌ آخَرُ لَا يُعَظِّمُهُ ذَلِكَ الْمَلِكُ فَلَا يُجِيبُ فَلَا يَحْصُلُ مَقْصُودُ الْمُعَزِّمِ، هَذِهِ حَقِيقَةُ الْعَزَائِمِ .

الْحَقِيقَةُ الْحَادِيَةَ عَشْرَةَ:

الِاسْتِخْدَامَاتُ وَهِيَ قِسْمَانِ الْكَوَاكِبُ وَالْجَانُّ فَيَزْعُمُونَ أَنَّ لِلْكَوَاكِبِ إدْرَاكَاتٍ رُوحَانِيَّةٍ فَإِذَا قُوبِلَتْ الْكَوَاكِبُ بِبَخُورٍ خَاصٍّ وَلِبَاسٍ خَاصٍّ عَلَى الَّذِي يُبَاشِرُ الْبَخُورَ وَرُبَّمَا تَقَدَّمَتْ مِنْهُ أَفْعَالٌ خَاصَّةٌ مِنْهَا مَا هُوَ مُحَرَّمٌ فِي الشَّرْعِ كَاللِّوَاطِ، وَمِنْهَا مَا هُوَ كُفْرٌ صَرِيحٌ وَكَذَلِكَ الْأَلْفَاظُ الَّتِي يُخَاطِبُ بِهَا الْكَوَاكِبَ مِنْهَا مَا هُوَ كُفْرٌ صَرِيحٌ فَيُنَادِيهِ بِلَفْظِ الْإِلَهِيَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ وَمِنْهَا مَا هُوَ غَيْرُ مُحَرَّمٍ عَلَى قَدْرِ تِلْكَ الْكَلِمَاتِ الْمَوْضُوعَةِ فِي كُتُبِهِمْ فَإِذَا حَصَلَتْ تِلْكَ الْكَلِمَاتُ مَعَ الْبَخُورِ مَعَ الْهَيْئَاتِ الْمُشْتَرَطَةِ كَانَتْ رُوحَانِيَّةُ ذَلِكَ الْكَوَاكِبِ مُطِيعَةً لَهُ مَتَى أَرَادَ شَيْئًا فَعَلَتْهُ لَهُ عَلَى زَعْمِهِمْ وَكَذَلِكَ الْقَوْلُ فِي مُلُوكِ الْجَانِّ عَلَى زَعْمِهِمْ إذَا عَمِلُوا لَهُمْ تِلْكَ الْأَعْمَالَ الْخَاصَّةَ لِكُلِّ مَلِكٍ مِنْ الْمُلُوكِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَزْعُمُونَ بِالِاسْتِخْدَامِ وَأَنَّهُ خَاصٌّ بِرُوحَانِيَّاتِ الْكَوَاكِبِ، وَمُلُوكِ الْجَانِّ وَشُرُوطُ هَذِهِ الْأُمُورِ مُسْتَوْعَبَةٌ فِي كُتُبِ الْقَوْمِ وَالْغَالِبُ عَلَيْهِمْ الْكُفْرُ فَلَا جَرَمَ لَا يَشْتَغِلُ بِهَذِهِ الْأُمُورِ مُفْلِحٌ، وَهَاهُنَا قَدْ انْتَهَى الْعَدَدُ إلَى أَحَدَ عَشَرَ وَكَانَ أَصْلُهُ عَشَرَ بِسَبَبِ أَنَّ أَحَدَ بَعْضِ الْخَوَاصِّ مِنْ أَنْوَاعِ السِّحْرِ فَاخْتَلَفَ الْعَدَدُ لِذَلِكَ .

شاركها مع أصدقائك!
تابعني→
أبدي اعجابك →
شارك! →

0 التعليقات :

Enregistrer un commentaire